القائمة الرئيسية

الصفحات

أقوى خواطر مجمعة للكاتبة منار إبراهيم

 جريدة أماليا

أقوى خواطر مجمعة للكاتبة منار إبراهيم



حينما يتضايق الصغار يصرخون، فهذه طريقتهم المُثلى لتعبير عن مكنون صدورهم، أما الكبار يكتمون مرة تلو أخرى، حتى تتسع دائرة التركمات، وتتعمق حفرة الانهيار ثم وعلى حين غرة نصرخ صرخة تشق أرواحنا وتمزق أوتار القلوب، محاولين التنفس، لكن لا جدوى؛ فالاختناق قد تمكن منا حتى أخر أنفاسنا، وهنا يمكن الفرق بيننا وبين هؤلاء الصغار، فهم لما يواجهوا قسوة الحياة بعد، لم يتعلموا سوا التنفيس عن غضبهم فى ذات اللحظة، أما نحن فلم نتعلم من الحياة سوا الكتمان المُهلك لأرواحنا، والمُدمر لأجسدنا فى آنٍ، فليتنا لم نكبر.. ليتنا بقينا مجرد أطفال صغار تصرخ إذا شعرت بالجوع، الظمأ، ابتعدت عن والديها، تاهة دُميتها أو انكسرت لعبتها. 


وفِى الختام الكبر ليس بالشيء المُبهر المميز كما اعتقدنا فى طفولتنا، بَل إنه فخ.. والجميع يقع بهِ.


أحيانًا لا نكتب ليقرأ أحدهم، إنما لنقرأ نحن بعد حين ما دونتهُ أنمالنا وأملته علينا عقولنا، لنعرف ما كنا عليه وما وصلنا إليه، لندرك فداحة الأمر وأن الأيام، الظروف، الأهل، الأحباب، الأصدقاء، والحياة بشكلٍ عام نجحت فى تغيِرنا، وجعلت منا أشخاص نجهلهم، إذ لم نتمنى يومًا أن نصبح عليهم.. وها نحن أصبحنا أموات الأمس المحبوبين، أحياء الغد المكرهين، المغضوب عليهم.


أنا لا أجيد التحدث والثرثرة الكثيرة، أخجل من النظر داخل عيون مُحدثي، ولكني رغم عيوبي أُجيد احتواء كل من يلجأ لي، وإن فشلت فى تضميد جراحه، أنجح فى تطيب خاطره، لذا لا تنتظر منى أن أبادر بالحديث، ولكن أنا هنا فى كل الأوقات لمن يحتاجني.


انك تحاول تعمل كل اللي عليك تجاه شيء معين دا منتهى القوة مش الضعف، محاولاتك انك تحافظ على إيجابيتك تجاه الأشياء والأحداث اللي بتحصل حواليك هتتحسب لصالحك فى يوم من الأيام مش ضدك، انك تحب الحياة وتشفوها بعيون ملونة مكسب مش خسارة أبدًا.. كفاية جلد ذات وريح ضميرك عشان تعرف تكمل.


لا يراودني فى هذا الجو سوا الجلوس على فراشي، بين يدي كوب قهوة ساخن، أبخرتها تغزو أنفي، كتاب نسجت كلماته لتسرقني من عالمنا هذا، صمتًا تام لا يقطعه سوا صوت الرياح تضرب شرفتي، ولعل برودة الشتاء تجمد ما يدور داخلي من ضوضاء تكاد تبتلعني؛ لأنال قسطًا من الراحة التى أوشكت على نسيانها.


،إلى ذاك الجالس بمنتصف الطريق بعد أن هزمه التعب؛ التعب من الظروف، الرفاق، الأهل، الأحباب، ثم الخذلان، وكل كلمة سامة أصابته ففقد ثقته بنفسه، إليك يا من مازالت تقاوم رغبتك فى النهوض من فراشك، ومازالت تخوض حربًا لا تنتهي، ثم تسقط فتنهزم، فتقوم فتعود أقوى ثم تنهزم مجددًا فتنسحب، أردت أن أخبرك أن لا أحد يكترث بالكواليس وما ورآها، لا أحد يهتم أو يعرف عنها شيء.. لا شيء مطلقًا؛ لذا انهض فـ جلوسك وسط الطريق ما هو إلا نكتة ساخرة سيضحك عليها الجميع.

فقد الروح

تعليقات

التنقل السريع